شجرة السيال في بيتنا شاهدة على العصر ..

إنها شجرة السيال التي تقف شامخة وسط دارنا التي تتوسط بلدتنا الحبيبة ام طريفي .. هذه الشجرة شهدت أيام طفولتي وعهد صباي، من بين فروعها طاردت الدنانين والعصافير مع رفاق الزمن الجميل وتحت ظلها الوارف كانت أحلى ساعات المقيل .. وشاء القدر أن أفارقها بعد طول إلفة وجوار .. مرت السنوات وما زال بي إليها وإلى عهودها شوق وحنين .. ما زلت أشتاق لرائحة البرم ورائحة أغصانها عندما تبللها حبات المطر .. ما زلت أحن وأتشوق لشربة ماء أروي بها ظمأي من الأزيار التي صفتها حاجة برة تحت ظل تلك الشجرة الطيبة ..

عندما تحين ساعة الفراق كل عام أقف عند تقاطع السكة حديد لألقى على الديم النظرة الأخيرة قبل الوداع ، فأرى شجرة السيال الوفية ترفع غصونها عالية من بين بيوت القرية وكأنها تلوح لي بالوداع .. وهنا دائما يحضرني مقطع من قصيدة تبلدية للشاعر الجميل جعفر محمد عثمان في قصيدته (تبلدية) التي يخاطب فيها شجرة التبلدي التي كانت شاخصة في داره وهو في طريقة لمغادرة مدينة الدلنج والدار التي أحبها والشجرة التي شهدت عهد صباه :

وكم تلفتُ خلفى بحيرة والتياع ..
الركب يمضى بعيدا عن حالمات البـقاع ..
وللغصون الاعالى فى الريح خفق الشراع ..
كانها منك كف قد لوحت لوداع ..

وقول للزمان ارجع يا زمان.
جدة - 7 أبريل 2011م

قسما بحق عينيك إنك تكتب بمداد أحس أنك أخذته من شرايين قلبي ..
وقسما عندما يكتب حاتم أحس بأنه يترجم كل ما يجيش بخاطري ..
لعلها الكيمياء أخي حسن .. ولا غرو .. فتلك البلدة الصغيرة هي التي شكلت وجداننا وهي عندنا أكبر من مدن ومازال حبها فينا باق.. ومن بين الرواكيب الصغيرة وبيوت الطين السمراء خرجت أجمل الأجيال على الإطلاق ..
وقول للزمان ارجع زي زمان .

مع كل الود.
ابو بسمة
Jed. 24 April 2011